الأيزيدية والايزيديون

الايزيديين كشعب :قوم رافديني عريق وله بصمات واضحة في الحضارة الرافدينية والعالمية .والايزيدية كديانة هي دين علمي وعلم ديني ،علم هندسي خفي مقدس يقوم على أسس تفسير نشأة الكون تفسيراً دقيقاً. علم هندسي كوني خفي مقدس تشهد له الآثار العظيمة التي جسدها هذا العلم في كل مكان حلّ به على كوكب الأرض، هذا العلم هو من أسس جذور الحضارة الأيزيدية.وهو من ساهم في خلق العلوم النوعية والكمية السائدة في عالمنا الأرضي.
و مثّلث الايزيدية عبر تاريخها الطويل دين الحكمة أو العقيدة الشاملة الحقة للدولة الآدانية (عدن) أو سومر وما نتج عنها من امبراطوريات وممالك و سلالات، فهي تقول وتبرهن على ما تقول بعلم هندسي خفي مقدّس يفهمه من يتحكم بعقله و عاطفته، و يتعلمه من يصل أقصى درجات الطهارة والنقاء والاستقامة.
وكلمة ايزيدي تتكون من ثلاث مقاطع(اي-زي-دي)وتعني(الطهارة، النقاء،الاستقامة).

يقدر عدد الايزيديين في العراق(مركزهم الرئيسي) بأكثر من(700000 )نسمة موزعين على اقضية سنجار وشيخان وتلكيف في محافظة نينوى وزاخو وسيميل في محافظة دهوك اضافة الى قصبتي بعشيقة وبحزاني،وكذلك موزعون في تركيا وسوريا وجورجيا وارمينيا واغلبهم هاجر الى المانيا وبعض الدول الغربية والى روسيا، بسبب الاضطهاد
والارهاب ولا سيما ايزيدية سوريا وتركيا إذ أنهم انقرضوا بسبب الاضطهاد الإسلامي المستمر ضدهم. وتتراوح تعدادهم في العالم بأكثر من مليوني نسمة.

تؤمن الايزيدية بالخالق(آدي)(خالق كل شيء)و بطاؤوس ملك، النور المنبثق من الخالق،وهو مستوى عظيم من النور الذي يجسّد سلطة الخالق ونوره على الكينونة والوجود. وهو ملك الخير وملك العالم وملك الديمومة الابدية. ويعد لالش من اقدس الاماكن لدى الايزيدية ومعبدهم الرئيسي وهو في الميثولوجيا الايزيدية خميرة الارض ومنبع الحضارة وسرّ استقرار الأرض. ويقع لالش على بعد 13كم شمال قضاء الشيخان.وان ترجمة اسم لالش من اللغة الأيزيدية الاكدية تعني(شلال الشفاء).
من مقدسات الايزيدية: 1-معبد لالش 2-رمز الطاؤوس 3-الشمس 4-الدف والشباب 5-الطوق 6-خرقة 7-العين البيضاء وزمزم 8- التربة المقدسة(البرات) 9-يوم الاربعاء.

المجتمع الايزيدي مقسم إلى ثلاث طبقات دينية هي(الشيخ، الپير، المريد) وهذه الطبقات هي طبقات مقدسة جينياً قبل كل شيء، لا يمكن العبث بها و يدفع من يحاول العبث بها الثمن غالياً من ردود فعل القوانين الكونية على عبثيته هذه، فهذه الطبقات صنفها الايزيديون لتحديد الارتقاء الروحي والفكري والبيولوجي عند الإنسان من أجل العبور إلى عالم ابناء وبنات الشمس الحقيقي الأبدي القائم على السببية. وهم يحرمون الزواج بين هذه الطبقات. والايزيدية ديانة غير تبشيرية فالايزيدي لا يمكن ان يقوم بعملية التبشير لدينه، لأن المرء لا يمكن ان يكون ايزيدياً ما لم يولد من ابوين ايزيديين. ويعود تاريخ هذه الطبقات إلى عصر سيادة الأمومة في مراحل التاريخ البشري، عندما كانت هذه الآلهة تسيطر على المجمع السماوي.

وإن الايزيدية لا تفرق بين الرجل والمرأة التي تمارس دوراً ونشاطاً كبيراً في الاسرة والمجتمع في مختلف مجالات الحياة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والثقافية.
يقدس الايزيديون الشمس لأنها احدى تجليات الخالق وتشكل مصدراً أساسياً لوجودنا ومصدراً مقدساً في المنظومة الكونية التي تمد الكائنات بالنشاطات الروحية والفكرية والجسدية. ولا حياة على الارض من دونها،إذ يتجهون نحوها في ادعيتهم في شروقها وغروبها. ويطلبون الخير لجميع البشرية ثم لأنفسهم. ويحرمون القتل المتعمد والربا والزنا واكل مال اليتيم والتعدي على الآخرين، و تحب الخير والسلام والتسامح وتؤمن بالتعايش السلمي مع كل بني البشر. وإن الايزيدية تقوم في الاساس على المحبة والتسامح.

ترتبط الأعياد الايزيدية بشكل منتظم مع الدورات الملكية السماوية ومع الانقلابين الصيفي والشتوي(صوم أربعينية الشتاء) و (صوم أربعينية الصيف)لفئة معينة من طبقاتها.و كذلك الاعتدال الربيعي الذي يشير إلى بداية الخلق ورأس السنة الايزيدية (سري سالي)، وكذلك الأعياد الاثني عشر (الطوافات) . وهناك اعياد اخرى كعيد (الجماعية)،عيد بيلندا والباتزمية، عيد خدرالياس، وعيد القربان . وهذه الأعياد مرتبطة بشكل جوهري بمنظومة كونية متناسقة تعبر عن احداث معينة لم تجري على كوكب الأرض في أغلبها بل قادمة من تناغمها مع التردد الرنيني للكون والمجموعة الشمسية والشمس والقمر.
تعرض الايزيديون عبر تاريخهم الطويل إلى الكثير من الابادات والاضطهاد والحملات العسكرية والكوارث، اكثرها ظلماً وقسوة كانت في عصر الخلافة العثمانية وإن صمودهم وايمانهم بمعتقداتهم حال دون تحقيق الخلافة لأهدافها في القضاء عليهم، رغم انهم أنهكوا وشردوا وتوزعوا في مناطق عديدة في العالم وخسروا جغرافيتهم. كما تعرض الايزيديين للتهميش والاضطهاد من الحكومات العراقية المتعاقبة،وفي آب 2014 قامت الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بإبادة الايزيديين إذ تم سبي آلاف النساء والفتيات والأطفال وقتل الرجال ونهب الممتلكات وهدم البيوت وتدمير المعابد والمزارات وهجرة ونزوح الآلاف منهم إلى مناطق ودول مختلفة. إلا إنهم اجتازوا كل تلك المصاعب والكوارث وحملات الإبادة ولم يستسلموا ،بل زادت شكيمتهم وإصرارهم من أجل البقاء والحفاظ على القيم والخصوصية مع التكيف الطبيعي في كل مرحلة.
وإن هذه حملات استهدفت بالدرجة الاساس علومهم النوعية وقدراتهم العظيمة في تجسيد الهندسة الكونية على ارض الواقع،ورغم الغبار المتراكم الكثيف الذي غطى هذه الحقيقة لكن الواقع يقول انها مكتوبة بأحرف من ذهب على الواح من اللازورد والالماس ولا يمكن لغربال الشر حجب اشعة الشمس عنها وعن حقيقتها الساطعة .

المصادر:
فواز فرحان، الأيزيدية ملحمة أسرار الوجود البشري.
فواز فرحان، الأيزيدية هندسة الأسرار المقدسة.
فواز فرحان:حقول المعرفة المقدسة.
امين فرحان جيجو ، القومية الأيزيدية.

Exit mobile version