في هوية الأحوال المدنية العراقية، لم يُشر لأي منتمٍ للكاكائية على إنهم أتباع هذه الديانة، بل يُجبرون على حمل صفة “المسلم” وأن كانوا غير مسلمين.
لم يعترف الدستور العراقي بهم كديانة موجودة في العراق، رغم إعترافه بالديانات الإسلامية والمسيحية والأيزيدية والصابئية، وهذا ما يجعل مخاوفهم تزداد يومياً وتتوسع عملية تذويب هويتهم داخل المجتمعات الكبيرة.
وتُعتبر الكاكائية ديانة توحيدية لكنها غير مسُلمة كما وصفها إتباعها، رغم وجود إنقسام وإختلاف داخل المجتمع الكاكائي حول ذلك، إلا أن أغلبهم يُشيرون إلى إتباعهم دين آخر غير الدين الإسلامي، ولهذا السبب وصفوا بـ”المرتدين”، أي الذين إرتدوا عن الدين الإسلامي.
إضطر عدد كبير من الكاكائيين إلى الزعم بأنهم مُسلمون لإبعاد أية شُبهات قد تدفع المتطرفين لقتلهم، لذا يُمارسون الطقوس الإسلامية الظاهرية بشكل مستمر، خاصة أؤلئك الذين يعيشون في مجتمعات مُسلمة.
على ضوء ذلك قال الخبير في شؤون التنوع الديني في العراق “سعد سلوم” إن “الكاكائيين يعانونمن التمييز أسوة بالايزيديين والمندائيين وتشيع عنهمبعض الصور النمطية السلبية مثل انهم يتحللون منالفرائض الدينية وعلى نحو دفع البعض لتكفيرهم”.
طمس الهوية
علي مخيبر وهو من أتباع الديانة الكاكائية ويسكن محافظة نينوى، يقول الصراحة الهوية الإسلامية فرض علينا بطريقة غير مباشرة وذلك كون الكاكائيةأقلية قليلة جدًا في العراق وخاصة قبل مئات السنين ، كما أن هي محافظة ومنطوية على ذاتها ولا تظهر هويتها الحقيقة لأسباب عديدة منها : بحجة أن الدين لا يقبل بكشف الهوية ، و خوفًا من الجماعات الإسلامية المتطرفة ، وهذين السببين هما رئيسين في فرض الهوية الإسلامية على الكاكائية .
الكاكائيون أصحابُ الشوارب الطويلة، هذا ما يميزهم عن غيرهم من الديانات، لديهم معبداً يسمى (الجم خانة)، والذي يتشابه بحد كبير مع الكنيسة المسيحية و الجامع الإسلامي، هم ليسوا كفارًا كما يُشاع عنه بل يتعبدون ويمارسون طقوسهم الدينية داخل المعبد الديني التي تكون مواقعها داخل المناطق السكنية أو الإخفاء داخل منازلهم لعد أسباب: منها يفضلون أن تكون طقوسهم سرية ولا يرغبون بالحديث كثيراً عن ديانتهم أمام الآخرين.
تذويب الهوية الكاكائية
يقول رجب كاكيي رئيس منظمة ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية ، “نحن نُعاني كثيراً في العراق، الدستور والتشريعات لم تُنصفنا ولا المجتمعات أيضاً ولا حتى رجال الدين الذين دائماً ما نتعرض من بعضهم للتكفير وخطاب الكراهية على إننا غير مسلمين ولا يجب الشراء منا ولا التعامل معنا في بعض الاماكن”.
لا يجد الكاكييه أية حماية من عمليات الإبادة الثقافية والديموغرافية التي يتعرضون لها، بحسب قول رجب الذي يرى وجود ضرورة “لتشريع قوانين تحميهم من ما يتعرضون له، وأن يُعترف بهم في الدستور العراقي وتثقيف الناس على إننا لسنا كفرة أو مرتدين، بل أتباع ديانة مثلما لبقية المجتمعات دياناتها الخاصة”.
سعت أطراف سياسية ودينية وقومية إلى صهر هوية الكاكييه ضمن مجتمعاتها وكسب نسمتهم المُقدرة بـ120 ألف كاكيي، لكن وبحسب رجب ، ليست الغاية كسب عدد فحسب، بل “إنهاء وجود الكاكائيين”.
وتمكنت بعض الأطراف من شق صف المجتمع الكاكيي، فالإنقسام واضح الآن داخلهم، فبعض يدعي إنتماء الكاكييه للإسلام والآخر يتحدث عن كونها ديانة قديمة .
غياب التمثيل السياسي
ساهم عدم إعتراف الدستور العراقي بالديانة الكاكائية في تغييبهم سياسياً، فهم كانوا ليس لديهم أي ممثل في الحكومة العراقية ولا في برلمانها الذي يضم ممثلين عن المسلمين والمسيحيين والكوردوالعرب والسنة والشيعة والأيزيديين والصابئة المندائيين وعن الشبك أيضاً لكن في الانتخابات الأخيرة التي أجريت عام 2021 تم صعود ممثل عنهم لكن ليست تمثيلاً لهم كبقية ممثلي الأقليات الدينية الذين لديهم حصة كوتا وانما تم صعودها عن أحد الأحزاب السياسية كممثل لهم.
الباحث سعد سلوم الذي أصدر أكثر من كتاب عن الأقليات في العراق، يرى ضرورة أن “يكون للكاكائيين تمثيلاً سياسياً، وأن يعترف الدستور العراقي بهم وبأية جماعات أخرى غير مُعترف بها.