سارة طالب السهيل
الاهتمام بالطفولة جزء لا يتجزأ من الوطنية والانتماء، فمن يحب وطنه ويخاف على أهله يهيء لهم شعبًا متعلمًا متحضرًا ومؤهلًا لإعمار الأرض وإصلاح زمام الأمور ونشر العلم والثقافة والتطور والخير والمحبة والسلام.
من أراد إصلاح وطنه فليصلح تربية أطفاله
حب الوطن ليس شعارات رنانة وخطب صماء إنما الحب هو العمل وإثبات الإخلاص في تثبيت العادات والسلوكيات الصالحة ونبذ كل ما هو مؤذي ومخرب،
وكما يقال “من يحب بلاده يربي أولاده” وهو إشارة إلى العلاقة المترابطة بين حب الوطن وتربية الأولاد.
إذا كنت تحب وطنك ربِ أولادك بطريقة تؤدي إلى تطوير وتقدم وطنك. تربية ابنائك بشكل صالح وسليم يمكن أن يعزز التقدم والازدهار في وطنك وبهذا الشكل تصبح أنت مفيدًا وإيجابيًا لوطنك، فليس الوطني من صرخ بشعارات جوفاء وإنما من عمل بصدق لتأسيس بنية تحتية متكاملة وقوية لوطنه هو الاستثمار بالطفولة لأنهم المستقبل.
تربية أولاد صالحين بتمرير القيم والأخلاق الحسنة التي تسهم في تكوين مجتمع أفضل وأسهل حياة للتعامل بدلًا من التأفف والتذمر طوال الوقت، على صعوبة التعامل مع الناس والشكوى من تغير أخلاق البشر والاعتراض على الأجيال الصغيرة بأنها لم تتلق التربية الكافية ولم تأخذ نصيبها من التهذيب والتعليم وتقويم السلوك، يجب علينا أن نبدأ بالعمل بدلًا من الشكوى وكل واحد يبدأ من بيته.
الأمر ليس مقتصرًا على السلوك والعادات والطباع الطيبة السهلة التي يمكنها الاندماج والتعامل مع الغير بسهولة وراحة، وأيضًا تربية الأولاد لا تقتصر على الأخلاق والقيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية فقط وإنما يستوجب صناعة جيل مؤهل لبناء وطن. وبناء الوطن يحتاج أنواع من العلوم، فالأولاد المتعلمين يستطيعون المساهمة في تطوير وتقدم وطنهم من خلال المشاركة في العمل والابتكار وبناء المؤسسات وتقدم وتطور الوطن، ويساهموا في الابتكار والتكنولوجيا والعلوم والاقتصاد، التي من شأنها تعزيز التنمية الشاملة للوطن.
التأثير الإيجابي الذي يمتد إلى المجتمع والوطن في بناء مستقبل أفضل وتعزيز التقدم والازدهار في البلاد وتكوين مجتمع أكثر انضباطًا وتعاونًا، فعندما يتمتع الأطفال بالقيم والأخلاق الحسنة، فعندما يكبرون يصبحون أفرادًا، ويسهمون في بناء وتعزيز العلاقات الإيجابية في المجتمع وينشرون ثقافة التسامح والاعتدال والمحبة وقبول الآخر بعيدًا عن الصراعات والتنافس غير الشريف وخطاب الكراهية وأفعال التطرف والارهاب، بل سيحب كل مواطن أخيه المواطن مهما اختلف عنه في الشكل او المضمون، في التاريخ او الجغرافيا.
إذا ربيتم أولادكم على العمل والأمل والتفاؤل والإصرار والنجاح، فعندما يكبرون سيصبحون عناصر إيجابية في المجتمع، فهم يمتلكون المهارات الاجتماعية والقدرات اللازمة للتفاعل مع الآخرين بشكل صحيح وبناء علاقات إيجابية، مما تسهم في تعزيز السلم والتناغم الاجتماعي.
وتربية أطفالكم على الانفتاح والتبادل الثقافي والحضاري وتلاقي المعلومات مما يفتح أبوابًا جديدة على نافذة العالم. بالرغم من الانفتاح على الآخر، يجب تربية الأجيال الجديدة على احترام ذاتهم وخصائصهم وصفاتهم والثقة بالنفس والارتباط بالارث الثقافي والبيئي الإيجابي والاعتزاز باللغة والثقافة المحلية والزي الوطني والطعام التقليدي والنمط الشعبي للوطن، فيسهم هذا في الحفاظ على الهوية والتراث. إذ يمكن للأطفال أن يتعرفوا على التراث والتقاليد واللغة والتاريخ المحلي، وبالتالي يعززون الانتماء.
أيضًا تعليمهم بما يخص الاستدامة البيئية. عندما يتم تعليم الأطفال قيم الحفاظ على البيئة والاستدامة، فإنهم يتشكل لديهم وعيًا بيئيًا ويتبنون سلوكيات صديقة للبيئة، مما يساهم في الحفاظ على جمال الطبيعة والموارد الطبيعية في وطنهم.
وكذلك من جانب الابتكار والتطور الاجتماعي والتفكير الإبداعي، وبالتالي يمكن أن يكون لها أثر إيجابي في التطور الاجتماعي للوطن. إذا تم توفير بيئة تشجع على التعلم والاكتشاف والابتكار، فإن الأولاد يمكن أن يصبحوا روادًا في مجالات مختلفة وأن يساهموا في تطوير الصناعات والخدمات والتكنولوجيا.
باختصار، تربية الأولاد بحب وطنهم من خلال العمل على خدمته تمتد لتأثير إيجابي على المجتمع والوطن بشكل عام. فهي تعزز القيم والمبادئ الإيجابية، وتساهم في تطور الوطن وازدهاره، وتسهم في بناء مجتمع قوي ومستدام. عندما ينشأ جيل من الأطفال الصالحين والملتزمين، يمكن أن يكون لهذا تأثير عميق وإيجابي على الوطن ومستقبله.
فالطفل مثل الإناء أملأه بكل ما هو جميل ومفيد حتى يصب ما بجوفه على وطنه عندما يكبر وكأنه ماءً يسقي زرعه.
ربوا أولادكم.
سارة طالب السهيل