خدر خلات بحزاني
بعد مخاض عسير ومرير وبعد سجالات ومماحكات ومظاهرات، وسقوط قتلى وجرحى، سكت الجميع فجاة على وقع اتفاق حصل في مكان ابعد بكثير من الكواليس، وولدت حكومة محمد شياع السوداني، التي قال السوداني نفسه عنها انها ستكون حكومة خدمات وتكافح الفساد، واستبشرنا خيرا كالعادة، لاننا قوم نستبشر خيرا بكل جديد، بسبب اليأس الضارب في اعماق نفوسنا منذ ولادة اجداد اجدادنا.
وبين احلامنا بتحسين الخدمات في عراقنا الجديد، الذي اصابه الاهتراء بسرعة قياسية، نطت الى اخبار منصات الاعلام والوكالات الاخبارية، خبر قيام السيدة هيام عبود الياسري، وزيرة الاتصالات بحكومة السوداني، وفي اول قرار لها على مايبدو، هو حظر المواقع الاباحية في العراق.
كان الاجدر بالعبودي، التي لقي خبر ترشيحها للوزارة تذمر واستنكار من اوساط عراقية سياسية واعلامية وحتى مهنية، ان تتمسك ببرنامج السوداني في تحسين الواقع الخدمي، من خلال العمل على انتشال اسم العراق من قائمة اسوا بلد في خدمة الانترنت والاكثر تكلفة في استخدام النت “من اجل التخفيف عن كاهل المواطنين” كما قالت العبودي في تصريح منسوب لها.
لكن يبدو ان العبودي ارادت رد الجميل لمن رشحها لهذا المنصب، وهي القادمة من خلفية دينية اسلامية، ومن رشحها هو شخصية اسلامية له نفوذ في البلاد اكثر من السيد السوداني نفسه، فضلا عن داعم واضح وفاضح من عاصمة مجاورة، وانا لا اقصد بكلمة “فاضح” اي تعبير اباحي طبعا.
وانا لا اعرف ماذا ستكون الخطوة التالية للوزيرة العبودي؟ هل ستمنع قنوات الاطفال وافلام الكارتون؟ ام ستمنع قنوات ام بي سي السعودية مثلا؟ ام ستمنع قنوات افلام واغاني زمان والطرب الجميل؟ ام ستمنع المواطن من استخدام كلمة “الو” في موبايله لانها كلمة اجنبية غريبة وغير مستحبة؟ وغير ذلك من القرارات التعسفية والمنتهكة للحرية الفردية و الشخصية التي كفلها الدستور العراقي الاتحادي، بحيث تكون تلك القرارات المرتقبة بمثابة رسالة شكر من السيدة الوزيرة لجهة ما؟
واقول للعبودي، ان دراسات واحصائيات تشير الى ان نسبة المواقع الاباحية في عالم النت والسوشيال ميديا يبلغ 12% من العدد الكلي لجميع المواقع، ونسبة المتابعين لتلك المواقع من الذكور البالغين تبلغ 72% و 28% من الاناث البالغات، وان عمليات التحميل المقاطع الاباحية من النت تبلغ 35% من مجمل عمليات التحميل اليومية من عموم الفيديوهات العامة، اضافة الى ان اكثر من 68 مليون مرة يتم كتابة كلمة “جنس” يوميا في محركات البحث للوصول للمواقع الاباحية.
واضيف للوزيرة العبودي، لا يمكن محاربة غريزة البشر وميولهم الجنسية، وكان الاجدر والاجدى بكم ان تبدأوا عملكم الوزاري بخدمة المواطنين وليس بمحاربة غريزة انسانية متجذرة بالطبع البشري منذ بدء الخليقة.