سارة طالب السهيل
في الأصل كانت الحكاية والحكاية أصلها شعبية والشعبية كانت محكية
والمحكية كانت منقولة من جدة للطفلة التي ستصبح جدة ومن جد الى طفل سيصبح جدا ومن اهمية الحكايا كانت الكتب السماوية جميعها تروي لنا احسن القصص ومن قبلها ومن بعدها كانت القصص من التراث و الثقافة المعاصرة تتناقلها الأجيال جيل بعد جيل.
كانت تلك الحكايات تحمل في طياتها الأسرار والأخبار والحكم والعبر وجرس الانذار وكانت نصيحة غير مباشرة وتشجيع من خلف الكواليس وكان ابطالها هم القدوة الحسنة و ابطالها الاشرار كانوا من يجب ان ينزعج منهم الطفل طوال القصة، قصص مليئة بالفرح احيان والحزن احيان اخرى لكنها كلها أمل وتفاؤل في اخر القصة.
بعضها اساطير وبعضها مقتبس من قصص دينية وبعضها خيال صرف وبعضها في عوالم اخرى كعالم السحر والجان وبعضها من الأبواق الشعرية والحكايات الفكاهية بعضها على لسان الحيوان وبعضها واقعي وبعضها يشبه الانشودة وبعضها يميل الى السرد المسرحي خاصة لو روي مع اداء صوتي و بعضها يصلح لمسرح العرائس و بعضها يحتاج الى تمثيل.
هكذا كانت الحكايات وهكذا كانت الجدات وهكذا كان بناء الانسان منذ الطفولة على القيم والاخلاق والمواعظ بهذه القصص التي كانت
مصدرًا للتسلية والتعليم وتعزز الروح القوية والعزيمة لدى الناس و الإرتباط بالأرض و الوطن و الأهل و العشيرة.
تعود القصص الشعبية للأطفال إلى العصور القديمة واتصور انها كانت منذ بدء الكلام بالاشارة او الرسومات ثم المحكي والمنطوق فهي التقليد الشفهي الذي وثق الأحداث والأفكار حتى قبل الكتابة والتدوين
تأني ال قصص الشعبية من وحي خيال القائل أو الراوي ويفكر بها من وحي تجاربه الخاصة وملاحظاته الحياتية اليومية والخبرة الجماعية للمجتمع. تتنوع المواضيع في قصص الشعوب المختلفة، وتشمل الأساطير.
في الماضي، كانت هذه القصص تروى من قبل الجدات والأجداد في المجتمعات، حيث كانوا يجلسون حول النار أو في الهجيرة وقت العصرية وقبل الغروب ويتبادلون القصص لتمضية الوقت والتسلية وخاصة للأطفال لتعليمهم القيم والأخلاق والحكمة وتساهم في نموهم العقلي وتكوين شخصيتهم و فكرهم و تعليمهم الجماليات و الفتيات و فنون الرد و التفكير واخذ القرار ، و بعدما كانت القصص الشعبية تحكى شفهيا ومواجهة اصبحت مع تطور الزمن والتكنولوجيا وانتشار وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الحديثة، أصبح من السهل الحصول عليها مكتوبة أو مسجلة أو حتى في شكل رقمي، ويمكن للأطفال الاستمتاع بها عبر الكتب والقصص المسجلة والقنوات التلفزيونية والتطبيقات على الموبايل الهاتف المحمول ولكن يبقى لرواية الجدات طعم مختلف مليء بالحب والدف والأجواء العائلية والمشاعر المتدفقة التي يفتقدها من يلحق الآله طوال الوقت متناسبا الترابط الاسري والشعور الوجداني و اللمة الحلوة .
ولهذا بالرغم من التغيرات التكنولوجية، لا يزال دور الجدات والأجداد مهمًا في، نقل التراث الثقافي والقيم الاجتماعية من جيل إلى جيل بحب لا تعوضه شاشة الهاتف.
عندما نتحدث عن تأثير القصص الشعبية في بناء شخصية الطفل، فإننا نتحدث عن قوة الرواية والتأثير العميق الذي تمارسه على تطوره الشخصي والعاطفي. إن القصص الشعبية هي تراث ثقافي غني يتميز بالأساطير والحكايات والحكم الشعبية التي تنتقل عبر الأجيال. تحتوي هذه القصص على رموز وشخصيات تعكس تجارب البشرية وقيمها.
فيتعلم الأطفال الكثير من خلال الاستماع إليها أو قراءتها. يتعرفون على شخصيات مثل الأميرات والأبطال والوحوش، ويشهدون رحلاتهم ومحنهم وانتصاراتهم. تمكنهم هذه القصص من استكشاف مختلف جوانب الحياة وتعلم القيم المهمة مثل الشجاعة والصداقة والصبر والمثابرة.
وتساهم ايضا في الصحة النفسية وتكوين فكره السياسي المبكر من باب الوطنية والانتماء ومعرفة الحقوق والواجبات من قبل الشعب و الحاكم و المحكوم و تعلم الطفل اللغة و الابجديات و تعطيه الرؤية وبعض المعلومات والتواصل اللغوي والثقافي بين الجيل الواحد وبين الاجيال المختلفه وعبر العصور وتعلمهم الشعور والرحمة وتحسس الانفعالات وردود الافعال والتجاوب وعنصر المفاجأة والدهشه وتعلمه الذوق والتذوق والاناقة في الكلام والتصرف.
وتساهم القصص الشعبية بشكل مباشر في تنمية خيال الطفل وقدرته على التفكير النقدي. عندما يتعرض الطفل لقصص مثل “سندريلا” أو “علاء الدين”، يبدأ في استخدام خياله للتخيل عالمًا سحريًا ومغامرات مثيرة. يتعلم الطفل أيضًا كيفية التفكير بشكل مختلف وحل المشكلات من خلال قصص تواجهها الشخصيات الرئيسية كنماذج إيجابية للسلوك او العكس
فشخصيات مثل الأميرات الطيبة والأبطال الشجعان، يستوحي منها القوة والنزاهة والعدالة. يتعلم الطفل أيضًا قيم الحب والعائلة والصداقة من خلال قصص تركز على العلاقات الإنسانية و المحبة والسلام وقبول الآخر ومساعدة المحتاج ونصرة الضعيف
تعزز القصص الشعبية أيضًا قدرات الطفل اللغوية والتعبيرية. عندما يستمع الطفل إلى القصص ويشاهد الصور المصاحبة لها، يتعلم الكلمات الجديدة والتعابير وكيفية استخدامها في سياقات مختلفة. يمكن لهذه التجربة أن تعزز مهارات القراءة والكتابة لدى الطفل وتساعده على التعبير عن أفكاره ومشاعره.
وتعد القصص الشعبية أيضًا وسيلة فعالة لتعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال. عندما يرى الطفل ابطال القصص تتغلب على الصعوبات وتواجه التحديات و تنتصر في النهاية بسبب الاصرار والتحدي والعمل الجاد كما تعلم الطفل الايمان بان الله مع الانسان الطيب ومع الاخير وان القدر سيغلب الاشرار ، كما يمكن للطفل ان يشعر بالتشجيع والإلهام للتغلب على تحدياته الشخصية. بالتفكير الإيجابي والتصرف بثقة في مواجهة الصعوبات.
لا يمكننا نكران أهمية دور الأهل والمربين في توجيه الأطفال خلال تجربتهم مع القصص الشعبية. يجب على الأهل أن يختاروا القصص التي تكون مناسبة لعمر الطفل وتحمل قيمًا إيجابية. يمكن للأهل أيضًا أن يبادروا إلى مناقشة القصص مع الأطفال وطرح الأسئلة حول الشخصيات والأحداث وما الذي تعلموه وما هي اكثر شخصية احبوها وما هو الحدث الذي اثر بهم وما هو الموقف الذي اسعدهم او احزنهم في القصة وما هي خلاصة القصة وما الذي تعلموه منها
هناك العديد من القصص الشعبية الشهيرة في ثقافات مختلفة حول العالم. إليك بعض القصص الشعبية الأكثر شهرة:
ألف ليلة وليلة” (Arabian Nights): تعتبر مجموعة من القصص الشعبية العربية التي تتضمن حكايات مثل “علي بابا والأربعين لصًا” و “علاء الدين والمصباح السحري”.
“شيرلوك هولمز” (Sherlock Holmes): روايات الكاتب البريطاني آرثر كونان دويل عن المحقق شيرلوك هولمز تعد قصصًا شعبية ومثيرة للاهتمام.
“أشعار الأوديسة” (Odyssey): تعد هذه القصيدة اليونانية القديمة للشاعر هوميروس واحدة من الأعمال الأدبية الشعبية الأكثر شهرة في العالم وتحكي قصة ملحمية عن رحلة أوديسيوس.
“كينشاسا” (Cinderella): تعد قصة سندريلا واحدة من القصص الشعبية الأكثر شهرة وانتشارًا في مختلف الثقافات، حيث تحكي قصة فتاة صغيرة تعيش مع زوجة أبيها الشريرة وتحقق أحلامها بفضل الجنية الصغيرة.
“حكايات الأخوة جريم” (Grimm Brothers’ Fairy Tales): يعد هذا المجموعة من القصص الشعبية الألمانية الشهيرة التي جمعها الأخوان جريم، وتشمل قصصًا مثل “الأميرة النائمة” و “الأقزام السبعة”.
“رابونزل” (Rapunzel): قصة أخرى من مجموعة قصص الأخوة جريم، تدور حول فتاة شابة محبوسة في برج وتنقذها الحب وشعرها الطويل.
“الجميلة والوحش” (Beauty and the Beast): قصة فرنسية شهيرة عن فتاة جميلة تقع في حب وحش وتكتشف الجمال الحقيقي في داخله.
“الأميرة الضفدع” (The Frog Prince): قصة تروي قصة فتاة تقوم بتحويل الضفدع إلى أمير بهزيمتها للتحديات الموضوعة أمامها.
“بيتر بان” (Peter Pan): قصة عن صبي يبقى صغيرًا إلى الأبد ويعيش في نيفرلاند ويخوض مغامرات مع الأولاد المفقودين.
“هانسل وجريتل” (Hansel and Gretel): قصة ألمانية تحكي قصة شقيقين يواجهان ساحرة شريرة في الغابة.
في العراق، هناك العديد من القصص الشعبية التي تعتبر شهيرة بين الأطفال
“خرافة العراق” تُعتبر هذه القصة رمزًا للعراق وتحكي قصة مغامرات خرافة تعيش في الجبال والوديان وتواجه التحديات والمخاطر.
“حكاية الصياد والسمكة” تدور هذه القصة حول صياد يصادف سمكة سحرية تقدم له طلبًا يغير حياته.
“حكاية الثعلب والحمار” تحكي هذه القصة عن الحكمة والدهاء الذي يتمتع به الثعلب وكيف يتفوق على الحمار في المواقف المختلفة.
- “حكاية الأسد والأرنب” تروي هذه القصة قصة صداقة غير متوقعة بين الأسد والأرنب وكيف يتعاونان معًا للتغلب على الصعاب.
“حكاية الحمامة السلامية” تدور هذه القصة حول حمامة تحمل رمز السلام وتسعى لنشر السلام والمحبة بين الناس.
“حكاية البدر الذهبي” تحكي هذه القصة قصة شاب يسعى للعثور على البدر الذهبي والذي يمكن أن يحقق أمنياته.
القصص الشعبية تحمل العديد من القيم و الاخلاق التي يتعلمها الأطفال.
مثل الصدق، والشجاعة، والصبر، والنزاهة، والعدل، والتسامح من خلال شخصيات القصص وتصرفاتها.
و الصداقة والتعاون و حب الاخرين و الاهتمام بهم وبناء الصداقات والتعاون و المشاركة
وقيمة العدل والمساواة فيالمعاملة وعدم التمييز بين الناس بناءً على اختلاف الجنس أو العرق أو الدين.
والشجاعة والتحدي تحفز القصص الشعبية الأطفال على التحدّي والشجاعة في مواجهة المصاعب والصعاب وتحقيق الأهداف.
الحكمة والتعلم وأهمية البحث عن المعرفة والتعلم من خبراتهم ومن حكمة الشخصيات في القصص.
والاحترام والتسامح و أهمية احترام الآخرين وقبول الاختلافات الثقافية والعرقية والدينية والتسامح تجاه الآراء والمعتقدات المختلفة.
وتشجع القصص الشعبية الأطفال على احترام العائلة والمجتمع والاهتمام بأفرادهم والمساهمة في المجتمع و التواجد بشكل مؤثر في الاسرة والتعاون في المنزل و احتواء الاخرين .
وتؤثر القصص الشعبية في بناء شخصية وضمير الطفل التي سترافقه وتؤثر به وبحياته وقراراته طوال عمره و لهذا التأثير دور رئيسي في تكوين نظرة الطفل عن نفسه و وجهة نظره في الاخرين و تقييم الاحداث و الأشخاص
وبالتالي تكوين قدوة
ومن المهم جدا ان يكون للطفل قدوة حسنة
وحتى تزرع في الطفل قدوة حسنة تحمل القيم العظيمة و البناءة
يجب عليك
أولا اختيار القصص المناسبة التي تحمل القيم الجميلة مثل الشجاعة، الصداقة، الصبر، العدل، وغيرها.
ومن الجميل ان تقرأ القصص للطفل بنفسك وبشكل منتظم حتى تستطيع ان توجهه و تشرح له وتنصحه وتوضح له القيم والدروس التي يمكن استخلاصها من القصة.
- ومن الافضل ان تقوم بمناقشة القصص بعد قراءتها و ان تسأله عن الشخصيات والأحداث، وعن العبرة التي استخلصها من القصة و كيف يمكن تطبيقها على أرض الواقع
وتوظيفها في الحياة اليومية وربطها بسلوكيات ويوميات الطفل وذلك ليتعلم الحكمة و تشغيل العقل وكيفية التصرف ..
كما يجب على الطفل ان يتعلم الفرق بين الصح والغلط والطيب والشرير والمجتهد والكسول والشجاع والجبان واخذ القدوة الحسنة التي ستحفزه ان يعمل بجد في مستقبله ليكون افضل دائما وان يأخد شخصيات القصة كأمثلة ملهمه
كما يمكننا من خلال القصص الشعبية تشجيع الطفل على ان يسرح بخياله وان يطور من مهاراته ومواهبه و تشجيعه على الإبداع ومن الممكن ايضا ان يصبح عالما كبطل القصة ونزيها كبطل اخر و من المحتمل ان يتشجع هو ويكتب قصصا مماثلة تلهم باقي الأطفال
وقد كانت الجدات العراقيات من افضل ما روى القصص الشعبية للاطفال و من بينهم كانت قصة
“الحمل والحمول” وهي قصة شعبية تم تناقلها عن طريق الناس في العراق عبر الأجيال، وليست لها كاتب معروف. تعتبر هذه القصة جزءًا من التراث الشفهي للشعب العراقي، حيث يتم ترويتها ونقلها من فرد إلى آخر عن طريق الحكاة والقصاص.
قصة “الحمل والحمول” هي جزء من التراث الشعبي العراقي الغني والمتنوع، وتمثل جوانب مهمة من ثقافة وقيم الشعب العراقي.
تحكي هذه القصة قصة حملٍ ضعيفٍ يعمل في نقل البضائع من مكان إلى آخر، ويواجه العديد من التحديات والصعوبات في طريقه.
يتميز الحمل بالصبر والقوة والاجتهاد، ويعمل بجد لتحمل أثقال ثقيلة والتغلب على العقبات.
والعمل الجاد، والصبر، والتحمل، والتكافل المجتمعي. تشجع القصة على تقدير قوة العمل الجماعي وتسلط الضوء على قدرات الفرد على التغلب على التحديات وتحقيق النجاح عن طريق الجهود المستمرة.
سارة طالب السهيل