العراق وأمريكا حوار في زمن كورونا
سامان داود
تعود بداية العلاقات العراقية الأمريكية إلى عام 1951 حيث تم عقد أول اتفاقية أمنية فيما بينهم من خلال تقديم بعض المساعدات العسكرية للجيش العراقي آنذاك، وتلت تلك الاتفاقية، فيما كانت الأخرى في عام 1954 لغرض تبادل الخبرات الأمنية وقامت الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة ببناء أول ميناء عسكري في أم قصر جنوب مدينة البصرة العراقية
العلاقات العراقية الأمريكية بقت في شد وجذب وتقاطعات في الفترة الممتدة 1960 إلى عام 1991، فيما أدت حرب الكويت والعراق إلى أن يصبح الأخير عدو أمريكا مرة أخرى وفرض حصار اقتصادي عليه إلى عام 2003 وإسقاط النظام العراقي بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين عبر الاحتلال المعروف.
الدعوة الأمريكية بما يخص الحوار الاستراتيجي، جاءت في زمن رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي، والذي رحب بالدعوة وسط ازدياد الهجمات الصاروخية على المصالح الأمريكية في العراق، ويأتي الهدف الأسمى والأهم لدى الولايات المتحدة الأمريكية هو سحب البساط من تحت إيران والانفراد الكلي بالعراق، وهذا ما ستعمل على طرحه في الحوار الذي سيكون في منتصف حزيران/يونيو القادم.
الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن اتفاقية جديدة تضمن بقاء قواتها في العراق، وستعمل جاهدة على بقاء قواتها في العراق ومصالحها كما هي، لا، بل ستذهب إلى تعزيز ذلك، وسيساعدها على ذلك وجود الكاظمي الذي يعتبر أقرب لهم من إيران بالرغم من تأكيد مصادر أن الكاظمي قد يغيب عن الحوار ورغم ذلك أتوقع حضوره لأنه لديه معلومات وفيرة عن العلاقات الأمريكية العراقية بحكم قيادته لجهاز المخابرات العراقي منذ عام 2014.
العراق يمر بوضع صعب جدًا وكلام الكاظمي عن ميزانية فارغة لم يكن إلا حقيقة، ووجود وزير المالية العراقي في دول الخليج كشف حجم المصاعب التي تمر بها البلاد، ورغم نكران وزير المالية لتلك الأخبار وعللها بأنها ستكون على شكل استثمارات ويرافق ذلك انخفاض أسعار النفط، وأيضًا أزمة انتشار فيروس كورونا، لذلك من الممكن طلب العراق لدعم مادي وعسكري وخاصة أن خلايا داعش الإرهابي بدأت تعود للظهور.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال في تصريحات سابقة، بأن بلاده تخطط لبدء حوار استراتيجي مع العراق في منتصف حزيران/يونيو المقبل، وتعتزم مناقشة جميع القضايا الرئيسية على جدول الأعمال الثنائي، لافتًا إلى أن “شعب العراق هو المعني باختيار رئيس الوزراء وليس كتائب حزب الله”، وكما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، وحسب تصريحات وزير خارجيتها، كانت تنتظر معرفة رئيس الحكومة العراقية، وكيف ستدعمه لذلك حددت واشنطن شهر حزيران/ يونيو المقبل موعدًا لإجراء الحوارات المعمقة، وفعلًا، حصلت على ما تريده من خلال رئيس وزراء جديد غير مرتبط بإيران وقريب من توجهاتها العسكرية والاقتصادية.
دعوة الولايات المتحدة الأمريكية العراق إلى إجراء حوار استراتيجي بينهم ما هو إلا مرحلة جديدة لتعزز أمريكا حضورها غير المستقر في بلاد الرافدين، خاصة أن الفترة الماضية كان الحضور الإيراني أقوى منها، وهذا الأمر، سيجعل العراق أمام مرحلة جديدة وتقلبات جديدة في وسط أزمة مالية يمر بها وعليه الاستفادة من هكذا حوار ليبث الروح في خزينته المالية.
يبدو أن نتائج الحوار الأمريكي العراقي الجديد ستكون معروفة مسبقًا، بحيث أن الجميع يعلم أن أمريكا تبحث عن منفذ لتقليل النفوذ الإيراني وتحجيم الفصائل الموالية لإيران، وتعزيز التواجد الأمريكي، يقابل ذلك أيضًا، تقديم العراق لفرص استثمارية للأفراد والمؤسسات الأمريكية، وتبحث واشنطن قطع الطريق أمام الصين، وخاصة أن العراق وقع اتفاقية اقتصادية مع الصين، ومحاولة قطع الطريق بين إيران وسوريا وحزب الله، كما أن العراق سيحصل على مساعدات عسكرية واقتصادية ستساهم في تقليل العبء على حكومة الكاظمي وبدأ مرحلة التحضير لانتخابات مبكرة.