في الماضي كنا نقف أمام شمعة عامنا الجديد ننتظر لحظة الاحتفال بنا، ومن فرط الحماسة نفتقد الصبر ولا نجد له أي داعٍ أو مبرر، كنا لا نخاف إلا من أن نفشل في مهمة إطفاء الشموع بنفخة واحدة، وذلك لأن معظمنا كان يؤمن بالخرافة التي ترويها الجدات لنا “الشموع التي لا تُطفأ ستقف في وجه أمنياتنا وتمنعها من أن تتحقق”، ربما كانت هذه هي مهمتنا الأولى والأصعب التي نهابها ونخاف من الخسارة أمامها!
اليوم ما عادت شموعنا تكفي وما عادت أصعب مهامنا هي أن نطفئها، هناك خليط من المشاعر التي لا تجتمع دفعة واحدة إلا عند هذه اللحظة!! فكيف للسعادة والفخر أن يكونا في مكان وزمان واحد مع الخوف والقلق؟!!
سعادتنا بتلك اللحظات التي مرت وجعلتنا أكثر نضجاً ورزانه، وخوفنا من الوقت والشعر الأبيض في أن يتعدى حدوده فيكسي رؤوسنا قبل الأوان، فخرنا بما حققناه من إنجازات ونجاحات عظيمة وقلقنا أيضاً من المستقبل وإخفاقاته المختبئة.
نتساءل سراً يا ترى كيف مضت تلك الأعوام بهذه السرعة وباغتتنا من دون أن نشعر؟ متى خرجنا من خلف أسوار مدرستنا الكبيرة التي كانت تحتضننا؟ ومتى بالتحديد توقفنا عن الركض على سلالمها المرتفعة وقررنا الهبوط؟!
نضحك على أنفسنا حينما نتذكر كيف كنا نرتدي ملابسَ لا تتناسب مع حجمنا الضئيل وذلك حتى نظهر أكبر سناً، معتقدين أننا بهذا التصرف العفوي سنكتسب السلطة التي نفتقدها ونسعى للحصول عليها، فكم من مرة كرهنا فيها كلمة “لا” قيلت لمصلحتنا؟
لم تكن العشرينيات جميلة وحسب بل كانت أسرع مراحلنا العمرية مروراً، تركت لنا الكثير من الضحكات الصادقة والأكاذيب البريئة والكلمات الراسخة والثرثرة اللطيفة والخطوط العريضة لمستقبلنا والكثير من الذكريات البيضاء والأصدقاء الحقيقيين.
اليوم علينا التوقف عن عد الأعوام الماضية أو المتبقية، والبقاء في حالة شباب دائم مع أحلامنا وطموحاتنا التي لا تبالي بالوقت ولا تحجبها الظروف ولا حتى تكرار الخيبات، نكف عن النظر إلى المرآة وانتقاداتها اللاذعة فحقيقتنا التي تصورها لنا ليست هي الحقيقة
“الحقيقة الوحيدة هي أن أعمارنا تقاس بما حققناه وهذا المقياس هو الأصح لنعيش فخورين
بأننا كبرنا”.