ما أن تنتهي كل عملية انتخابية في العراق الجديد ما بعد آذار 2003 حتى تبرز تحركات لأقناع الأطراف السياسية المشاركة في الانتخابات و التي حصلت على مقاعد نيابية من أجل التوافق فيما بينها لإدارة البلد من خلال توزيع المناصب السيادية و الوزارات و حتى المدراء العامين و الوكلاء و بالتالي حرمان أصحاب الكفاءات و المستقلين من أي دور خلال فترة تواجدهم على رأس الهرم .
نتائج الانتخابات المبكرة التي أجريت في ال 10 من شهر أكتوبر الحالي و رغم دعوات المقاطعة شكلت صدمة للبعض من الأحزاب و كذلك القادة لاسيما من يعتبرون أنفسهم رقماً في العراق و بعضهم كانوا مرشحين للمنصب التنفيذي الأول في البلد وهي رئاسة مجلس الوزراء ، حصول المستقلين و قوائم تحسب على حراك تشرين الذي تسبب بإقالة حكومة عادل عبد المهدي إضافة إلى كتل أخرى تعارض المحاصصة و توزيع المناصب على أساس طائفي و مكوناتي كان العنوان الابرز في هذه الانتخابات رغم أن نسبة المشاركة بلغت 41% فقط .
حكومة أغلبية أم توافقية؟
هناك من ينادي بحكومة أغلبية نيابية تتشكل من عدد من الكتل الكبيرة نسبياً حسب عدد مقاعدها والتي أفرزتها نتائج الانتخابات الأولية و الأقرب لذلك ( التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر و تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي والديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني إضافة إلى قوائم أخرى) يرى مراقبين أن هذا السيناريو سيكون المنقذ للعراق بعد فشل الحكومات السابقة التي اعتمدت مبدأ التوافق والشراكة في تلبية أبسط احتياجات المواطن !
و بالمقابل يرى آخرون أن الوضع الحالي في العراق و المنطقة بشكل عام لا يحتمل سيناريو حكومة الأغلبية و وجود معارضة قوية في البرلمان و إنما تتطلب حكومة توافقية يشترك بها جميع المكونات و الأطراف السياسية التي شاركت في الانتخابات من خلال تقسيم المناصب و إرضاء المعارضين وبالتالي الرجوع إلى المربع الأول .
التوافق مطلوب بين الزعماء و قادة الكتل السياسية على كيفية تقديم الخدمة للمواطن و الارتقاء بالبلد و اقتصاده وليس على تقسيم المناصب والإصرار على الحصول على جزء من الكعكة ، طالما هناك توافق على أساس مصلحة الحزب فوق مصلحة المواطن لن يكون البلد بخير و لن يكون للأجيال القادمة مستقبل مضمون في هذا البلد الجريح وانما الحل يكمن في وجود معارضة قوية داخل قبة البرلمان بإمكانها استجواب الحكومة و طاقمها الوزاري عند تقصيرهم مثل بقية الانظمة التي تعتمد النظام البرلماني.