ساهر ميرزا
تتراجع اعداد الاقليات الدينية العراقية في البلد عكس باقي المكونات الذين تزداد نفوسهم يومآ بعد يوم ، فهجرة أبناء الأقليات الدينية مستمرة منذ عقود طويلة بسبب الانتهاكات التي تحدث ضدهم من قبل أطراف متعددة وطرق مختلفة منها الدستور العراقي وبعض من قوانينه ومواده وأطراف دينية والحروب والابادات الجماعية المتعمدة بحقهم كل تلك المعوقات تواجههم وتدفعهم للتفكير بالهجرة وترك الوطن ، وتعتبر اغلب الأقليات الدينية في العراق من السكان الأصليين ولهم جذور عميقة في بلاد ما بين النهرين حيث يعود تاريخهم إلى حضارات سومر وبابل واشور، الأقليات الدينية في العراق تشمل الإيزيديين والمسيحيين والصابئة المندائيين والبهائيين والكاكائية والزرادشتية لكن الحكومة العراقية تقف ضد حرية الدين والمعتقد لبعض الأديان رغم أنها مخالفة للدستور العراقي الذي يضمن في مواده حرية الدين و المعتقد وإلى يومنا هذا لم تعترف الدولة بالكاكائية والزرادشتية والبهائية كديانات حيث يحتسبون على المسلمين وتكتب في هويتهم الشخصية ( مسلم ) ،
تعود هجرة مسيحيي العراق إلى بداية القرن العشرين بسبب مجزرة سميل في شمال العراق التي دفعت عشرات الآلاف للنزوح لسوريا، وبعد الاستقرار خلال منتصف القرن العشرين عادت ظاهرة الهجرة متأثرة بعوامل اقتصادية واجتماعية خصوصًا بعد حصار العراق وحرب الخليج الثانية، إلا أن وتيرتها تسارعت بشكل كبير في أعقاب غزو العراق عام 2003 وما رافقه من انتشار لمنظمات متطرفة . وبحسب احد التقارير انخفض عدد معتنقي المسيحية في العراق إلى النصف في السنوات الأخيرة بسبب الهجرة، حيث قُدِر عددهم بحوالي مليون نسمة في عام 2013 لكن انخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة، حيث تم استهداف الكنائس والمجتمعات المسيحية والتي شملت أعمال اختطاف وتعذيب وتفجيرات وقتل في جميع أنحاء البلاد منذ سقوط النظام السابق في عام 2003.
اما بالنسبة للإقلية الايزيدية بدأت عملية الهجرة خارج البلاد بعد أحداث داعش في سنجار في مطلع أغسطس آب عام 2014 حيث هاجر نحو 100 ألف شخص من أبناء المكون الإيزيدي نحو أوروبا ودول أخرى من العالم، لطلب اللجوء الإنساني، إثر ما أصابهم من الإبادة على يد تنظيم “د١عش” بعدما كان عدد سكانهم قرابة نصف مليون نسمة إلا انه اصبح أقل من 350000 نسمة بعد عملية الهجرة،
وأصبحوا مجهولي المصير بين العودة إلى أرضهم أو البقاء في مخيمات النزوح أو الهجرة خارج العراق، ورغم ما صرحت به وزيرة الهجرة والمهاجرين إيڤان جابرو إنها ستقوم بغلق ملف المخميات وبالفعل قامت بها في أغلب المخيمات في العراق باستثناء المخميات التي يعيش فيها أبناء المكون الإيزيدي لاسباب عديدة تشمل الصراعات السياسية وسوء الخدمات َوالخ… في مدينة سنجار مسقط رأسهم.
اما المندائيين بدأت هجرتهم من العراق خلال فترة حكم النظام السابق ، لكن الهجرة تسارعت بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ، فقد تعرض المندائيون مثل غيرهم من الأقليات مثل المسيحيين والايزيديين وغيرهم إلى تهديدات واعتداءات وحالات خطف وقتل مما أجبرهم على الهجرة، كما تعرض المندائيون مثل بقية العراقيين للخطف بسبب عمل الكثير منهم في صياغة الذهب،
و يواجه المندائيون في العراق خطر غيابهم كليا عن البلد، فأعدادهم التي كانت تبلغ 60000 نسمة خلال فترة تسعينات القرن العشرين، فقد انخفض إلى ما بين 5000 إلى 10000 فردا متبقيا هناك، ففي عام 2007، كان حوالي 80٪ من المندائيين لاجئين في سوريا والأردن،
يقدر عدد المندائيين حاليا 10000 مندائي في العراق.
اما البهائيون وبسبب غياب الاعتراف الرسمي بهم وبمؤسساتهم، لا يوجد إحصاء دقيق لعدد البهائيين في العراق ومناطقهم، إلا أن عددهم يقدر بعدة آلاف ينتشرون في المناطق المختلفة للبلاد، آخر الأرقام تشير في منتصف القرن الماضي إلى 5000 بهائي فيما قد لا تقل أعداد البهائيين في بغداد، عن 500 فرد في 2018، “كل ذلك الإحصاءات تعود إلى ويكيبيديا”.
يعتبر العراق أحد المنطلقات الرئيسيّة للديانة البهائيّة، تحول البهائية في العراق من طائفة معترف بها قانونيًا في حقبة الحكم الملكي الهاشمي، إلى جماعة منبوذة إبان الحكم البعثي، ثم إلى ما يشبه بطائفة سرية بعد 2003 وحالتهم لا تفرق كثيرا عن بقية الأقليات الدينية من ناحية الهجرة.
اما الأقليتين الكاكائية والزرادشتية لا يوجد إحصائية رسمية بإعدادهم في العراق وهما ديانتان غير معترف بهما من قبل الدولة العراقية إلى يومنا هذا ولهم حصة لا بأس بها من الهجرة والمعاناة كباقي الاقليات .
الدولة تستطيع تقديم حلول لتلك عملية الهجرة للأقليات العراقية والتي تعتبر من العمليات الخطيرة اي أنها تقف ضدهم وتجبرهم على ترك أرضهم وهجرة اللاعودة، هناك حاجة ماسة إلى تغير بعض القوانين والتشريعات من الدستور العراقي وذلك لتكن منصفا للكل وأيضا تطبيقها بشكل صحيح وعادل ستكون مهمة لأبناء الاقليات وحقوقهم الدينية،
وأيضا اشراكهم في مؤسسات الدولة دون تمييز ونرى انه يحدث تمييز كبير بين الافراد المنتمين إلى الأقليات الدينية والآخرين في بعض الوظائف في مؤسسات الدولة منها لا يسمح لهم بأن يكونوا قضاة (قاضي) وهذا إهمال وانتهاك لحقوق الإنسان، ومن ناحية أخرى بعض الأقليات الدينية لا يحق لهم تملك أراضيهم ومنهم الإيزيديين في مدينة سنجار وسهل نينوى إلى يومنا هذا ليست لهم حق تملك بيوتهم،
كل ذلك العقبات التي تواجه أبناء الأقليات الدينية في العراق لها حلول كما ذكرتها أعلاه ويحتاج إلى جهد وتحريك حكومي جاد، وإذا لم يحدث حلول جذرية ستكون عملية هجرة أبناء الأقليات الدينية مستمرة ولن تتوقف كما هو الأن.