اجراءات فيروس كورونا… تغير حياة الأطفال وتلقي بتأثيراتها النفسية عليهم :
ماهر خدر حجي :
مع اجتياح فيروس كورونا لدول العالم واجتياحه لحدود كل الدول، وتسببه بحالة ذعر لعشرات ملايين الأسر في العالم، تجاوز معه التأثيرات المرضية الجسدية المعروفة، الى تردي الحالة النفسية خصوصا لدى الاطفال نتيجة السلوكيات والتصرفات الخاطئة من قبل الكثير من الأهالي وتعاملهم الخاطئ مع المرض وسبل الوقاية منه.
واصاب تفشي فايروس كورونا المستجد، الآباء و الأمهات عبر العالم بالذعر وهو ما أنعكس على الحالة النفسية للأطفال خاصة مع اعتماد الحكومات على بعض الاجراءات الوقائية كمنع الاطفال والأفراد عموما من مغادرة المنازل، والمتابعة المتواصلة لأخبار الفيروس وانشاره.
مسعود (11عاما) طفل نازح في الصف الخامس الابتدائي يسكن في مخيم بيرسفي للنازحين باقليم كردستان، لم يعتد البقاء داخل خيمته لفترات طويلة، حيث كان يقضي اغلب اوقاته مع اصدقائه في لعب كرة القدم فضلا عن الالعاب القتالية المحببة لديه، لينتهي المطاف به في ظل كورونا واجراءات البقاء في الخيمة، الى حالة ادمان على الألعاب في جهاز الموبايل.
يقول شقيقه الاكبر “ذياب” انه “مع اجتياح جائحة كورونا وكي نتمكن من ضبطه في البيت دون ضغط كان الخيار الافضل جهاز الموبايل، لكن مع مرور الوقت ادركنا انه ادمن على استخدامه، بل اثر على ابن اخي ايضا وبالأخص لعبة الPubg و ايضا free fire واصبح هو الاخر مدمنا عليها، والان لانعرف كيف نتمكن من منعهما عن تلك الألعاب“.
أم احمد، وهي والدة طفل آخر يعاني بسبب الاجراءات التي فرضتها الحياة في ظل فيروس كورونا تقول:”كان ينام بشكل طبيعي قبل انشار الفيروس، لكن بعد مشاهدته لمقاطع فيديو عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتلفزيون ومشاهدته لضحايا كورونا والمظاهر المرعبة في المستشفيات، تعرض الى صدمة نفسية، كتلك التي تعرض اليها في هجوم داعش على مناطقنا“.
واضافت: “في الليل يستيقظ اكثر من خمس مرات بينما كان في السابق يغص في نوم عميق أو يستيقظ مرة واحدة.. وهو في كل مرة يستيقظ يصف كوابيسا تراوده تدفعه احيانا للتبول اللاارادي اثناء النوم“.
يعلق المعالج النفسي“بدر دهوكي” الذي يعمل لدى منظمة دولية تهتم بحماية الأطفال، قائلا ان “جهل الطفل بما يدور حوله و حالته النفسية الحساسة جدا، وعدم تعوده سابقا على مثل هذه الاحداث، ومنعه المفاجئ من ممارسة نشاطاته غير المحدودة ولدت ضغوطات نفسية لديه وتسببت بتأثير سلبي على عقله الباطن لعدم قدرته على استيعاب ما يجري“.
ويضيف دهوكي: “هنالك عوامل مهمة تحدد مدى تأثر نفسية الطفل من بعض اجراءات وسبل الوقاية التي اتخذتها السلطات، منها عمر الطفل وحالته العاطفية والمزاجية و قدرته على التكيف مع من حوله و قلة خبرة الاهل في كيفية توصيل المعلومة للطفل عن الوباء و عدم قيام الاهل بخلق اجواء مناسبة للاطفال في ظل منعهم من الخروج و ممارسة الانشطة من غير مبررات واسباب مقنعة تناسب عقلية الاطفال“.
من جانبه يقول، الاستاذ الجامعي“سالم سعيد” المختص بالمعالجة النفسية والذي يعمل في قسم الدعم النفسي والاجتماعي لدى منظمة IOM، ان ما يحصل لا يمكن وصفه بالصدمة النفسية، ولكن الاجراءات المتخذة “ولدت ضغوط نفسية“، مشيرا الى “اهمية قيام العائلة باجراءات تجاه اطفالهم تحفاظ على الروتين اليومي قدر المستطاع وتسمح بانخراطهم في ممارسات الرياضية لتخليصهم من التوتر والطاقة الزائدة و محاولة افهامهم بما يجري حسب الفئة العمرية“.
ويضيف ان “معالجة حالات القلق المتعلقة بفيروس كورونا تكون عن طريق الوالدين بشكل كبير بحيث يقوم الوالدين باعطاء معلومات بسيطة وصحيحة عن المرض، وكيف يتم التغلب على خوفهم،بالاضافة الى اعطائهم الوقت الكافي للتعبير عن مشاعرهم ،مضيفا، أن دور المجتمع هو عدم تبادل اخبار غير موثوقة التي لها تأثير سلبي على المجتمع عامة و الطفل خاصة“.
وينبه سعيد الى ان “الاطفال لديهم مرونة عالية للتحمل ولكن بشرط ان تكون البيئة المحيطة مساعدة من أصدقاء والهيئة التدريسية والعائلة بشكل خاص، فالضغوط النفسية لها تأثير على اي فرد و من ضمنهم الاطفال ولكن بمساعدتهم على التعبير عن ما يشعرون به ومساندتهم يكون الرجوع الى الوضع الطبيعي بشكل اسرع“.
هذا العمل من نتاجات مشروع( التربية الإعلامية ) الذي تم تنفيذه بواسطة (MICT) الأكاديمية الألمانية للإعلام بالتعاون مع (IOM ) منظمة الهجرة الدولية سنة 2020 .